حادثة غرق طفلة بركان في بالوعة للصرف الصحي ليست الأولى ولن تكون الأخيرة، وبقدر الألم الذي خلفته في نفوس ذويها، وكل من تابع الحكاية من المغاربة، بقدر ما تحيي سؤالا قديما جديداً متكررا: من المسؤول عن هذه الحودث وكيف يمكن محاسبته بشكل مباشر؟
ولكن، قبل ذلك، لا بد من الانتباه إلى أن الأمر لا يتعلق فقط بالبالوعات المفتوحة بكل إهمال، في قلب الشوارع الكبيرة والجانبية كل المدن المغربية، بل بأنواع أخرى من الإهمال والاستهتار المؤدية، أيضا، إلى الوفاة أو إلى ضرر بالغ جدا.
من بين هذه المظاهر، أسلاك الكهرباء القاتلة التي تتدلى من عدد من أعمدة الإنارة وغيرها من مولدات الكهرباء، وفي قلب الشوارع العامة، والتي يمكن في أية لحظة أن تودي بحياة أي مواطن، وخصوصا الأطفال المعروف عنهم التهور وعدم تقدير الخطر.
وبنظرة للصحف المحلية الإلكترونية نجد أمامنا عناوين على غرار "أسلاك كهربائية عارية متدلية تهدد حياة ساكنة العرائش".. "الأسلاك العارية تهدد حياة المواطنين ببرشيد".. "أسلاك عارية وخطيرة تهدد حياة ساكنة الحسيمة".
ومثل هذه العناوين قد تعثر عليها بالمئات أثناء بحثك عن الموضوع، وستلاحظ أنه مشكل متواصل زمنيا، ومستمر أيضا إلى حد الآن، كما أنه يتواجد – للأسف – في كل مدن المغرب.
ولا يقف الأمر عند وجود الأسلاك فقط، بل يؤدي فعلا إلى حوادث وفاة، بينها، على سبيل المثال لا الحصر، حادثة إصابة طفل في منطقة مرقالة بطنجة، ووفاة طفلة بصعقة في نفس المدينة، والحادثان معاً وقعا سنة 2018.
سنة 2022، سجلت مدينة حد السوالم وفاة شخص متشرد، والمقام أقصر من أن يتم ذكر هذه الحوادث التي يكون الإهمال فيها هو السبب الأول.. إهمال المسؤولين طبعا.
من بين ظواهر الإهمال الأخرى، الأسوار المتداعية، التي لا تتدخل الجماعات من أجل هدمها بشكل نهائي، أو إقامتها، كي لا تكون قاتلا متربصا آخر بالمارة.
ففي سنة 2017 مثلا، شهدت مدينة الدار البيضاء فاجعة تمثلت في وفاة قتيلين، وجُرح أكثر من شخص، حيث كان السور تابعا لإحدى الشركات كان مهملاً متداعياً منذ فترة طويلة، والأمثلة عديدة جدا.
حالات الإهمال إذن في شوارع المدن كثيرة ومختلف: بالوعات، أسلاك عارية، أسوار متداعية.. ومسؤولية الجماعات المحلية ثابتة فيها، بالدرجة الأولى، هي وشركات التدبير المفوض المخول لها الإشراف على بعض القطاعات كالكهرباء، إضافة إلى ما قد يقع تحت مسؤولية القطاع الخاص والشركات.
وأيا كان المسؤول في كل مرة، فإن المحاسبة تبقى ضرورية جدا، وعلى المجتمع المدني أن يبذل مجهودا أكبر من أجل التوعية وحث المواطنين على الدفاع عن حقوقهم بهذا الخصوص عن طريق المنفذ الوحيد المنطقي والمعقول.. القضاء.